"نعيش وسط القمامة".. النفايات تحاصر النازحين وتفتك بالأطفال

"لا يوجد أسوأ من أن تكون بجوار أكوام من القمامة"، بهذه الكلمات الموجعة وصف جميل أبو عمشة، النازح الفلسطيني، الوضع الكارثي الذي يعيشه يومياً في حي تل الهوى غرب مدينة غزة، حيث تتكدس النفايات وتنتشر الأمراض.

 وتابع جميل أبوعمشة، الذي يتخذ من خيمة مأوى لعائلته، بينما كانت أسراب الذباب والروائح الكريهة تحيط به من كل جانب، قائلاً: "الأمراض تصيب أطفالنا وتنتقل إلينا، لا نستطيع الجلوس هنا، المكان لا يصلح للعيش" وفق أخبار الأمم المتحدة.

روائح كريهة ولسعات مؤلمة

شاركت عبير أبو هربيد، نازحة من بلدة بيت حانون، معاناة مشابهة، مؤكدة أن مشكلة تراكم النفايات باتت تهدد حياتهم اليومية من كافة الجوانب، وقالت: "البعوض يترك لسعات تشوّه الوجوه، والرائحة لا تُحتمل إطلاقاً، المشهد مقزز، لا نستطيع حتى الخروج أو المشي أمام خيامنا".

حياة لا تطاق

أما صبحي الكفارنة، أحد النازحين الآخرين، فقد عبّر عن الغضب واليأس بقوله: "الحياة أصبحت لا تطاق. الأطفال مرضى، لا ننام بسبب الروائح، ولا نرتاح من الحشرات، الناس تنهار نفسياً وجسدياً".

في محاولة للحد من هذه الكارثة البيئية، شرعت جرافات وشاحنات تابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إزالة التراكمات الضخمة من القمامة المتناثرة حول تجمعات النازحين، ضمن جهود طارئة تهدف إلى إنقاذ السكان من أزمات صحية متفاقمة.

200 ألف متر مكعب من النفايات في غزة

عند مكب النفايات المؤقت المعروف باسم "سوق فراس" في مدينة غزة، تحدث  أليساندرو ماراكشي، مدير مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة، وهو يشير إلى جبل من القمامة خلفه قائلاً:

"لدينا هنا نحو 200,000 متر مكعب من النفايات المتراكمة منذ بداية الحرب. ارتفاع التلة يتجاوز سبعة أمتار. هذا أمر خطِر على العائلات والمتاجر والأطفال. أصبح الوضع أولوية صحية عاجلة مع اقتراب الصيف".

محاولات لحل الأزمة

أكد ماراكشي أن البرنامج يعمل على خطة لنقل النفايات إلى موقع بديل مؤقت، بانتظار الموافقة على الوصول إليه، مشيراً إلى صعوبة الوصول إلى المكبين الرئيسيين للنفايات.

وأوضح أن هناك تنسيقاً واسعاً مع مجموعة عمل البنية التحتية، إلى جانب تعاون مباشر مع منظمات مثل اليونيسف ووكالة الأونروا، لضمان جمع النفايات والتخلص منها بشكل آمن. وأعرب عن أمله في إعادة استخدام مكبات صحية مناسبة قريباً.

اندلعت الحرب في غزة عقب الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، ما أسفر عن مقتل 1218 شخصاً، وفق بيانات إسرائيلية، ورداً على ذلك، شنت إسرائيل هجوماً عسكرياً واسعاً على قطاع غزة أسفر حتى الآن عن مقتل 54,880 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة في غزة.

مع استمرار الحصار والدمار، تفاقمت الأزمات البيئية والمعيشية، أبرزها أزمة النفايات التي باتت تهدد الصحة العامة في مناطق النزوح، خاصة مع تعطل شبكات الخدمات والبنية التحتية في مختلف أنحاء القطاع.